إعادة تأهيل المنازل يعيد إلى العائلات ذكريات ما قبل النزاع
قبل أكثر من عشر سنوات، ومع أولى مشاهد النزاع في سوريا، بدأت ملامح الحياة تتغير في عيون الكثيرين، الآن ومع اقتراب الذكرى الحادية عشر بات جيلٌ كامل لايعرف كيف كانت تبدو البلاد قبل اندلاع النزاع، خاصةً وقد تغير كل شيء مع بداية العقد الثاني الذي لايأمل أحدٌ باستمراره، وتتضافر الجهود لمحو آثاره عن المنازل عبر إعادة تأهيلها جزئياً في المناطق المتضررة، كريف حماة الذي شهد نزاعاً مستمراً لسنوات
عيونٌ تلتقط مشاهد الدمار وأخرى تلمع بأمل
قلعة المضيق المطلة على البلدة، والتي بُنيت قبل سنينٍ طويلة، تشبه حجارتها القديمة حجارة المنازل التي يخلو معظمها من قاطنيها، وشاهدةٌ على النزاع الذي غيَّر ملامح تلك المنازل كثيراً. ففي كل منزل، باتت هناك تفاصيلٌ لابد من الوقوف عندها.
يقول محمد، مهندس في مشروع حقائب الإيواء: “كنت مشرفاً على تقييم المنازل وعمل الورشات خطوةً بخطوة. رأيت عن قرب كيف يصرُّ الأهالي على إعادة وجه الحياة إلى بلدتهم ومنازلهم”. ويضيف: “تأمين الحماية والكرامة الإنسانية لكل عائلة يعني لي الكثير، هو أحد مبادئنا السبعة ودافعٌ كبيرٌ لي”.
تضمنت عمليات التقييم إجراء الدراسة الإنشائية للمباني وتحديد الاحتياجات الأساسية، من أبواب وشبابيك وتمديدات صحية وخزانات مياه؛ فهذا النقص لعلَّه أكثر ما يؤرق الأهالي الذين عادوا حديثاً، بعد رحلة نزوحٍ طويلة. فمن الصعب جداً أن يغفو أحدٌ بهناء، في بيتٍ لا يملك أدنى مقومات الحياة. فكانت إعادة التأهيل أملاً في استعادة ذكرياتٍ جميلةٍ محفورةٍ في ذاكرة الأهالي، تعود لأكثر من عقدٍ من الزمن.
إعادة التأهيل.. 146 عائلة في منزل آمن
بعد انتهاء عملية التقييم، بدأ متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري بتركيب الأبواب والشبابيك والخزانات وشبكة التمديدات الصحية؛ الأمر الذي خفف عبئاً مادياً كبيراً، لا تطيقه العائلات أصلاً، وأنهى معاناةً في أبسط أساسيات الحياة وأهمها. ففي بلدة الشريعة والتوينة وقلعة المضيق، هناك 146 عائلة كانت قلقةً حيال وضع منازلها.
تقول دنيا، مهندسة في الهلال الأحمر: “انتهى المشروع؛ لكن لا تزال دعوات الأهالي وأمنياتهم عالقةٌ في ذاكرتي”. وتضيف: “أحتفظ بالكثير من ورود النرجس التي أهداها لي الأطفال. لقد كانت سعادتهم هي ما يدفعني إلى العمل دائماً؛ بالرغم من التعب والمسافة الطويلة التي نقطعها يومياً للوصول إلى هناك”.
العمل الإنساني يخفف الآثار المنهكة للأزمات
حمل العقد المنصرم تحدياتٍ كبيرةٍ واجهت العمل الإنساني؛ فالاحتياجات تتزايد يومياً. لذا، فإن الهلال الأحمر العربي السوري يعمل على تخفيف وطأة النزاع في سوريا على العائلات الأشد ضعفاً، ومشروع حقائب الإيواء الذي تدعمه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يعتبر أحد أهم النقاط الفارقة في العمل الإنساني في سوريا.