في منزل على الهيكل مؤلف من غرفة واحدة، نوافذه المشرعة لا تقي أهله برد الشتاء ولا تصدّ عنهم الرياح العاتية، ضمن حي بسيط يفتقر لأدنى متطلّبات الحياة في دفّ الصخر-جرمانا.
تستيقظ براءة مع والديها وإخوتها الخمسة بعد أن نزحوا من مسقط رأسهم في الرقة؛ رحلة طويلة من مدينة لم يعرفوا غيرها، تركوها مرغمين بحثاً عن الأمان، لكن غنيمتهم الوحيدة هي البقاء على قيد الحياة دون أن يمسّهم مكروه.
بوجه باسم ودمعة تأبى أن تنهمر متحدية الظروف القاسية، تتحدث الطفلة ذات 12 ربيعاً إلى متطوعة الهلال الأحمر العربي السوري وتخبرها عن طبيعة عملها الحالي: “أنا أكبر إخوتي، أجمع البلاستيك وأحمله على رأسي لأساعد والدي ونشتري طعاماً بثمنه”، بضع سنوات جعلتها تنضج قبل الأوان ليصبح حلمها الخجول أن تكون سعيدةً فحسب!
براءة تلميذة مدرسة “البيروني” بالرقة، مازالت تذكر جيداً حين عادت من مدرستها ولم تجد ملابسها ولا ألعابها أو حتى مجموعة قصصها الثمينة، الهديّة الوحيدة من أصدقاءها: ” لم يبقى من المنزل سوى جدران المطبخ” هذا ما قالته عن ذكرياتها.
وتابعت وصف حالها اليوم لتتحدّث عن والدها الذي يتمنّى إعادتها إلى مقاعد الدراسة لكنّه يشرح لها: “لا يوجد من يعينني سواك، أنا والعائلة نعتمد عليك”.
عائلة براءة ليست الوحيدة التي تسكن منطقة دفّ الصخر وتحتاج لمدّ يد العون، بل هناك الكثير من العائلات التي يساهم فريق التقييم كل عام وتحديداً مع بداية فصل الشتاء بتأمين ما يلزمهم من الاحتياجات الضروريّة، عبر حملة تتضمّن زيارات منزليّة وتقديم المواد الأساسيّة (الشوادر البلاستيكيّة، البطّانيّات، الحصر والفرشات) لتشمل أكثر من 2000 عائلة مع نهاية 2017.