إيلاف تستعيد معنى اسمها بين أحضان عائلتها
وحده العناق الطويل كان بإمكانه التعبير عن شوق كاد أن يبلغ السنتين، وكان الأقدر على البوح بما لا تصفه الكلمات.
عند بوابة كسب الحدودية في محافظة اللاذقية توقّف زمن الانتظار وتحوّل اللقاء من حلمٍ إلى واقع، عندما أتمّت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر إحدى مهماتهما الإنسانية ضمن برنامج إعادة الروابط العائلية والبحث عن المفقودين.
صباح لمّ الشمل، الأربعاء 21 تشرين الثاني 2018، وقفت عائلة إيلاف بانتظار وصولها؛ والدها يتمنّى رؤيتها سالمة بفارغ الأمل، أخواتها يذكرنَ اسمها في جميع أحاديثهنّ لتكون موجودة معهنّ دوماً، ووالدتها حضّرت وجبتها المفضلة منذ أولى ساعات الصباح لعلَّ وقت الانتظار يمضي مسرعاً.
ملامح وجهها الخمسينيّ تُفصح عن قساوة الأيام التي قضتها بعيداً عن ابنتها، وتبوح دموعها بكمّ الألم الذي استحال فرحاً في اللحظة التي ضمّتها فيها إلى صدرها، فمن المؤكّد أن الانتظار لم يكن سهلاً أبداً؛ إلّا أن الساعات القليلة التي كانت تفصلها عن رؤية صغيرتها كانت الأصعب، وحين وصَلَتْ كان لشهقات دموع الفرح صدىً قوياً.
افترقت إيلاف (16 سنة) عن عائلتها وفُقِدَ الاتصال معها إثر تفجير الراشدين بحلب، الذي تسبّب بإصابتها ووالدتها بجروح بالغة في الوجه وضياع مادّي في اللثة، فضلاً عن إصابة الفتاة بشظايا في الكتف والفخذ، وبعد شهر من فقدانها عَلِمت والدتها بوجودها في تركيا، لكن تقطّعت بها السُبُل لإعادة ابنتها التي كانت تبلغ من العمر وقتها 14 سنة، وحين رأت قصة رضا الطفل الذي فُقِد في نفس الظروف وأُعيدَ جمعهُ بعائلته نهاية العام الماضي؛ سارعت لتقديم طلب لمّ شمل عائلي، في حين كانت إيلاف موقنة أنها ستعود؛ لتعتني بجدتها وتهتمّ بإخوتها كما كانت تفعل، فلطالما أحبّت تدريسهم لأنها كانت تعيش حلمها بأن تصبح معلمة.
في طريق العودة للمنزل تُخبر إيلاف والدتها أنها كانت تراها في أحلامها دوماً وتصحو باكية، بينما تقول والدتها بأنها لم تكن تستطع النوم دون أن تتصفّح صور صغيرتها؛ لكن الليلة ستغفو إيلاف في حضن والدتها مطمئنّة على أحلامها.