الملايين من الناس حول العالم مصابون بمتلازمة داون، وهي تمثّل حالة وجدت على الدوام لدى الإنسان.
قد تؤثر متلازمة داون على الإدراك والصحّة بدرجات متفاوتة؛ ولكنّ الدعم والرعاية المجتمعية والأسرية والتوجيه الطبّي والإيمان بقدراتهم، يجعل منهم أشخاصاً قادرين على العيش بمفردهم والقيام بوظائفهم الحياتية كاملةً دون حاجة إلى مرافقة.
نولد؛ وكل منا يملك تحدّيه الخاص في الحياة، البعض يدركهم التحدي عندما يكبرون، والبعض الآخر يرافقهم التحدّي منذ لحظة ولادتهم.
وهذا زين؛ طفل اكتشف الأطباء إصابته بمتلازمة داون منذ يومه الأول، مع وجود ثلاث فتحات في القلب، ليرافقه التحدّي قبل حتى أن يدرك معنى ذلك.
على الرغم من قسوة الصخور ونتوءاتها الجارحة؛ إلّا أنّ الورود الناعمة لطالما استطاعت أن تحبو وتفترش الجبال، فكيف لأم زين وهي تمتلك في قلبها كل هذا الحب أن لا تتجاوز صدمتها وتدرك أن تحديها الآن قد آن أوانه.
الدعم يبدأ من الأسرة
من بين أصوات المجتمع وتعليقاتهم ونظرات شفقتهم، حاطت أم زين عائلتها بذراعين من قوة ووعي وحب، وعلّمت عائلتها أن الخطوة الأولى لمساعدة زين تبدأ من المنزل.
“ابني ليس ضعيف قدرات، ولكنه يحتاج إلى اهتمام من نوع آخر، سأعمل معه لأنني مؤمنة أنه يستطيع” هذا ما قالته أم زين لنفسها متجاهلة المجتمع الذي لازال إلى الآن عاجزاً عن تقبل الاختلاف.
وبالفعل منذ أن كان عمره ثلاثة أيام وبتوجيه طبي؛ بدأت العائلة مع زين بتمارين رياضية لتقوية كتلته البدنية، وعندما أتمّ عامه الأول بدأت الأم بتدريبه على مسك القلم، لم تكن تعامله معاملة طفل مختلف، ناقلة هذا الإحساس لكل من حوله، فارضة احترامه على الجميع.
البدء بالرحلة التعليمية
كل من يبحث عن حل يجدّه، بدأت أم زين برحلة زين التعليمية عندما بلغ الرابعة من العمر، لتضعه بمدارس تعمل على دمج مصابي متلازمة داون بأقرانهم الطبيعيين، متابعة وباحثة في كل المصادر المحيطة عن أفضل أساليب التربية والتعليم والتعامل مع مصاب داون.
وفي أثناء رحلتها التقت بمتطوعي الهلال الأحمر العربي السوري وتشاركت معهم على وضع خطة من أجل تحسين سلوك زين الاجتماعي والانفعالي، وتطوير مهاراته الاستقلالية والعناية الذاتية.
مع العمل على ابتكار حلول لمشكلاته التعليمية، وتعزيز الذاكرة والانتباه والتركيز لديه.
الأشخاص المصابون بمتلازمة داون لديهم القدرة على التعليم والعمل
مصابي متلازمة داون لديهم قدرات على التعليم والعمل عندما تُقَدّم لهم الرعاية الكافية
“لقد راهنت على قدراته، وكانت قدراته فوق هذا الرهان” هذا ما توصلت إليه أم زين بعد أن راقبت تطور حالة زين.
فبعد عام من متابعة برنامجه التدريبي مع متطوعي الهلال الأحمر العربي السوري أصبح زين مندفعاً اجتماعياً، يستطيع أن يبتعد عن والدته ويقابل الأشخاص الغرباء بحب مبتسماً لهم.
وتراجعت الفروقات التعليمية بينه وبين أقرانه إلى حدّ كبير، فهو اليوم يستطيع العدّ والتمييز بين الألوان، والأدوات، وكتابة الأرقام، والاعتماد على نفسه في الوظائف الحياتية، على الرغم من أنه لم يتجاوز الست سنوات.
وفي المقابل اكتشفت أم زين بعد خوضها في برنامج مهارات المعاملة الوالدية ضمن خدمات التأهيل المنزلي التي يقدمها متطوعو الهلال الأحمر كيف تصحح أخطاء زين بطرق أكثر ذكاء وصبر مستخدمة التحفيز، والألعاب في التعليم.
مصابو متلازمة داون أشخاص ذوو تحدي يستطيعون الفوز به
من المؤكد أن تجربة تربية طفل مصاب بمتلازمة داون ليست عادية؛ ولكن الأمر يتطلب منا أن نتعامل بوعي، وأن نستفيد من جميع الجهات الطبيّة والتربوية والاجتماعية المتاحة، وعلينا أن نكون واثقين أننا أمام قدرات كبيرة، وأفراد يملكون من العاطفة والحبّ والنقاء حدّ الجمال، وعلى الرغم من عوائقهم البدنية إلّا أنهم قادرين على كسب الرهان.
رسالة أم زين لكلّ أم لديها طفل مصاب بمتلازمة داون
“كوني فخورة به، لأن سوف يذهلك بقدراته، آمني بطفلك وقدمي له الدعم، فهو سيكون مصدرك الأول للشعور بالرضا عن النفس، إنه طفل ذو تحدي وهو يستطيع الفوز بهذا التحدي.