بين النشابية ومعربا في ريف دمشق، مسافة لا تحتاج لقطعها أكثر من ساعة بالسيارة، لكنها تركت عائلة أحمد جمعة في غربة ونزوح لسبع سنوات، عاشوا بعدها تفاصيل العودة إلى البيت، وطقوس الزراعة والحصاد، كحلم كادوا أن يفقدوا الأمل بتحقيقه.
“فرق كبير بين أن تكون نازحاً، وأن تعيش في بيتك وتعمل بأرضك، لا يمكن المقارنة، الغربة صعبة، حتى لو كانت المسافة التي تبعدك عن بلدتك قصيرة” يقول أحمد جمعة /أبو خليل/ وهو واحد من عشرة أخوة شتتهم الأزمة، وأبعدتهم عن بلدتهم في النشابية بريف دمشق، فاختار الاستقرار بمعربا، ثم عاد عام 2018 إلى المنزل الذي تقطنه العائلة منذ 60 عاماً.
“سعادة حقيقية … شيء يشبه الحلم، خاصة أننا كنا فقدنا الأمل بها” يقول أبو خليل عن لحظة عودة العائلة، واليوم بعد مرور أربع سنوات، أصبحت الأمور أفضل، كما يصفها، مع زراعة أرضهم التي تبلغ مساحتها 9 دونمات، وتركيب نظام طاقة شمسية لتشغيل البئر، ثم الحصول على منحة بذار القمح والسماد، من الهلال الأحمر العربي السوري.
ويقول أبو خليل “اضطررنا للاستدانة من أجل شراء ألواح طاقة شمسية، لكنها تغنينا اليوم عن شراء المازوت المكلف جداً، كما أن منحة الهلال التي حصلنا عليها في تشرين الثاني من عام 2021، ونحصد محصولها اليوم، ساعدتنا كثيراً في إزاحة عبء كلفة شراء البذار والأسمدة، لنستخدم المال لسد حاجة أخرى“.
وفيما لا تغطي الزراعة كل احتياجات العائلة المكونة من 60 شخصاً، إلا أنها “بحصة تسند جرة” كما يقول أبو خليل لاسيما مع الكلفة العالية التي باتت تطلبها، ما يدفع الأخوة للبحث عن مصادر إضافية للرزق، دون أن يتركوا مهنة ورثوها عن والدهم، الذي تركها مرغماً، بسبب العمر ومرض الكلى.
“يكفي أن أجتمع أنا وأولادي في مكان واحد، كنت أحلم بالعودة، حتى لو لم يتبقى لنا إلا خيمة، فمن يخرج من بيته يفقد كل شيء، ولسبع سنوات لم تجف دموعي” تقول والدة أحمد جمعة أكثر أفراد العائلة تأثراً بالعودة، وفيما تمسك باقة من أكليل الجبل تشرح بسعادة كيف تغيرت حياة أسرتها … “نأكل اليوم الخضراوات التي نزرعها، ونشرب من بئرنا، فلا نضطر لشراء الماء، أو دفع أجرة مقابل السكن، كما كنا في فترة النزوح”
عائلة أحمد جمعة واحدة من 150 عائلة في النشابية، استفادت من منحة البذار المدعومة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتعطى للعائلات التي تعتمد على الزراعة كمصدر أساسي للدخل، من أجل تحسين سبل عيشها، ومصادر رزقها، وتمكينها من تحقيق أمنها الاقتصادي، فتصبح أقل تأثراً بالأزمات.
ووصلت منحة البذار والسماد في عام 2021، لـ 46 ألف عائلة في سوريا، وتتوجه للمتضررين والعائدين، والعائلات التي تعيلها امرأة أو ذوي إعاقة، وللأرامل.