طريق شاق تسلكه العائلات في سوريا نحو التعافي، وتهزم الأزمات الاقتصادية، والكوارث، وانخفاض الدخل، ونقص الكهرباء والوقود، خطواتهم الأولى أحياناً، ويعجز معظمهم عن أي محاولة للتغيير دون مساعدة.
خولة أم ستينية تقطن في كرناز بريف حماه، تعرّض منزلها لأضرار بالغة في سنوات الأزمة، وبعد أشهر على ترميمه من قبل الهلال الأحمر العربي السوري، أعاد زلزال 6 شباط التشققات للجدران، لكنه ما زال آمناً للسكن على حد تعبيرها.
“كنا نضع أغطية على الأجزاء المكشوفة من الجدران من أجل الحصول على بعض الخصوصية والأمان، ومياه الأمطار تغمر المطبخ والغرف في فصل الشتاء” تشرح خولة حال منزلها قبل ترميمه، وهو البيت الذي تقطنه منذ 50 عاماً، وأنجبت فيه 10 أولاد، لكنها تعيش الآن مع ابنة وحيدة تعيلها.
وشمل ترميم المنزل تدعيم الجدران وطلائها وتأهيل المطبخ وغرفة الاستحمام مع تركيب خزان للمياه، وهو من بين 91 بيتاً (يقطنهم 637 شخصاً)، أعيد تأهيلهم في حماه خلال عامي 2022 و2023.
وتقول خولة أن “تأمين الغذاء والمياه والدواء مشقة تزداد صعوبة كل يوم” دون أن تخفي قلقها من الأيام المقبلة عندما يعجز الدخل القليل الذي تحصّله ابنتها كعاملة في الأراضي الزراعية عن تلبية احتياجاتهم الأساسية.
وفي حي النازحين بحمص، استعاد عمار حمدان شعور الأمان بعد ترميم منزله والعودة إليه، لكن ما يشغل باله أيضاً تأمين تكاليف معيشة أسرته المكونة من خمسة أفراد، وهو يعمل كموظف.
الهلال الأحمر ساعد عمار بترميم منزله، عبر تركيب أبواب ونوافذ، وخزان مياه، وتأهيل المرافق الصحية، ضمن مشروع لترميم منازل 173 عائلة بحمص في عام 2021، كما قدم له مساعدة نقدية، ويقول الأب الخمسيني
“العودة إلى المنزل خففت عن كاهلي عبء دفع الإيجار لكن تكاليف الحياة تتضاعف يومياً، ولا أعرف كيف أوفر مصروف تعليم الفتيات والدفء وبدائل الكهرباء”.
وهو أمر يؤرق يوسف (أبو يزن) أيضاً، ويعمل بمهنة النجارة في ورشة بمدينة حمص، بعد حصوله على منحة لشراء معدات من الهلال الأحمر العربي السوري، ويقول “يمكننا الاستغناء عن الطعام لكن تعليم الأولاد أولوية”.
يوسف كان يعمل بأجر يومي، وبعد شراء بعض المعدات، أصبح بإمكانه استلام مشاريع خاصة به مع نسبة لصاحب الورشة، الأمر الذي حسّن مدخوله بشكل جيد كما يقول، لكن ارتفاع أسعار المواد، وتغيّرها بشكل يومي، يؤثر على مورد العمل، ويحمّله خسائر ببعض الأحيان.
ويعاني يوسف 52 عاماً من التلاسيميا، ويعمل بجد لتوفير مصاريف عائلته المكونة من ستة أفراد، رغم توصيات الأطباء بعدم إرهاق نفسه، لكن “لا مجال للراحة” على حد تعبيره لاسيما بعد خسارة منزله وممتلكاته، وورشته خلال الأزمة، واضطراره لاستئجار بيت، والتنقل بين عدة مهن قبل حصوله على المنحة في عام 2023، من بين 238 عائلة بدعم من اللجنة الدولية للصيب الأحمر.