قبل أن تستمع لتفاصيل حكايتها تعلم حجم الشقاء الذي عاشته هذه السيدة وكمَ العطاء الذي تكتنزه، فالأول تتكفّل بشرحه معالم جسدها الذي لا تقوى على حملانه، وكذلك آثار خيطان الصوف التي باتت وكأنها مغزولة مع عروق يديها من صناعة الأعمال اليدوية التي كانت تبيعها لتسدّ رمق سبعة أطفال على مدى عشرات السنين.
أما الثاني وهو كمَ العطاء يمكنك استنتاجه من خطواتها الثقيلة وهي تصعد درج البناء وصولاً إلى مقرّ فرع الهلال الأحمر العربي السوري في السويداء بغية التبرّع بمبلغ من المال لمساعدة الآخرين.
اليوم ترتاح أم وليد السيدة السبعينية على كرسيّ في مقرّ الهلال الأحمر وكأنها تستريح من شقاء عمر بأكمله بعد أن تبرعت عن روحها قبل رحيلها، إيماناً منها بأن الصدقة التي تضعها في صندوق الفرع ستذهب لمستحقيها، صدقةٌ جمعتها أم وليد تباعاً من شغل الصوف، ففي الوقت الذي كانت تقضي حاجات أبنائها مما تكسبه كانت تأخذ من المكسب جزء للتبرع به؛ استعداداً لأيام ستغيب فيها جسداً وتبقى ذكراً طيباً.