بقلم عفاف ميرزو
باتت الأزمة تدخل عامها الخامس في سورية، وماتزال مشاهد الألم والمعاناة تتكرر يومياً لتطال جميع السوريين وبالأخص المرأة التي كان لها النصيب الأكبر في هذه المعاناة التي أثقلت كاهلها وزادت من أعبائها، ولكنها لم تثنها عن أداء دورها الرئيسي .
“: أم حسن إحدى النساء السوريات التي تبلغ من العمر 38 عاماً تروي لنا قصتها التي نلمس فيها قسوة وألماً واضحين، إذ تقول: “كنت وعائلتي نقطن في إحدى القرى شمال محافظة إدلب، حسن ابننا البكر توفي نتيجة الأحداث المشتعلة قبل أن يكمل عامه السابع عشر، ولم نكد نصحو من تلك الصدمة، حتى اختفى زوجي وهو في طريقه إلى العمل ولم يعد، كنت حينها حاملاً في الشهر التاسع، اضطررت أنا و أهل قريتي أن نترك بيوتنا بسبب سوء الأوضاع الأمنية، وتمكنا بمساعدة متطوعي الهلال الأحمر العربي السوري من الوصول الى مركز المدينة، ثم انتقلنا إلى منطقة “الحجر الأسود” في العاصمة دمشق، للمكوث عند أقاربنا، كم كنت بحاجة لزوجي في تلك الأيام الصعبة وكم تمنيت لو لم يولد طفلي بلا أب”.
لم تتوقف معاناة أم حسن هنا، إذ رحلت مرة أخرى عندما اشتعلت تلك المنطقة، لتنتقل هي وعائلتها لمحافظة القنيطرة جنوباً كونها هادئة نسبياً موضحة ذلك بقولها:
“حللنا ضيوفاً على مدرسة في قرية الكوم هنا في القنيطرة، لم يكن معنا شيء من لوازم الحياة سوى بعض المواد التي وزعها لنا الهلال الأحمر، حيث قدم لنا الطعام والملابس والبطانيات، اتخذنا إحدى الصفوف غرفة خاصة بنا أنا وأطفالي، ومعنا فتاة تدعى أسماء كانت قد فقدت عائلتها هي الأخرى وسكنت معنا لنصبح ستة أشخاص في غرفة واحدة، دون معيل سوى بعض المساعدات الإنسانية”.
هكذا وصفت أم حسن قصتها، والمعاناة التي رافقتها منذ بداية الأزمة في سورية، وأسماء التي انتشلتها هذه الأحداث من حضن عائلتها، لم يبق لها حضن أم يضمها ولا أب يرعاها، ولا بيت تعود إليه من المدرسة، بل أصبحت المدرسة الآن بيتها الدائم حسب ما وصفتها الفتاة:
” كنا دائماً نسمع من معلمنا أن المدرسة بيتنا الثاني وهاهي تصبح بالفعل كذلك، كل ما بقي لي ذكرى رحيل عائلتي التي صادفت في يوم عيد ميلادي الرابع عشر”
هذا كل ما استطاعت أسماء أن تقوله، ذكرى ميلادها الرابع عشر الذي تصادف ذكرى رحيل عائلتها إلى السماء، لتحتفل بعيد ميلادها وهي تذرف الدموع عاماً بعد عام، ويبقى الطفل يبحث عن والده يوماً بعد يوم.
قصة أم حسن هذه هي واحدة من مئات القصص المؤلمة التي تعيشها النساء السوريات يومياً، فما من أم إلا وعانت قهراً وحزناً لا تكفيه سطور ولا كلمات لتعبر عنه