“آثار الجفاف ستشكل عبءً إضافيا على السكان المتضررين من الأزمة في سورية وهم في الواقع استنفذوا مواردهم إلى حد كبير، خاصة مع انخفاض مستوى الدخل، انخفاض القوة الشرائية وانخفاض مستوى المعيشة “، يقول علي دياب، مهندس المياه في فرع دير الزور للهلال الأحمر العربي السوري. ويتابع: “من المتوقع أن يكون موسم الجفاف لهذا العام هو الأسوأ منذ سنوات، وهذا يشكل تحديا آخر للمزارعين، مما يؤثر على المحاصيل وأسعار المواد الغذائية.”
“مشكلة الجفاف في سورية ليست بمشكلة حديثة العهد. فقد عانت سورية من تأثير الجفاف منذ منتصف العام 2006. كما عانت عانت المناطق الشمالية – الشرقية في العام 2007، من أسوأ جفاف ضرب المنطقة منذ أكثر من أربعة عقود. علاوة على ذلك، فإن القتال شكل تحديا آخر وخاصة على الزراعة.
المزارعون الذين تضرروا إثر القتال الدائر في الوصول إلى حقولهم وإطعام مواشيهم هم في الأساس متضررين بفعل الجفاف. ويعتبر عاما 2007-2008 من أسوأ مواسم الجفاف التي اجتاحت البلاد منذ 40 سنة، وتلاهما موسم عام 2008 و2009. وكان أثر السنة الرابعة كبيرا على المزارعين في المناطق الشمالية-الشرقية من سورية على وجه الخصوص.
تعرف سورية باكتفائها الذاتي في إنتاج القمح. وقد تناقص مدخول المزارعين في المناطق الشمالية-الشرقية من سورية بنسة 90 بالمئة خلال السنوات الثلاث 2007، 2008 و2009 على التوالي. في حين خسر العديد من الرعاة أكثر من 80% من قطعانهم بسبب قلة المراعي ونقص الأعلاف. ولسوء الحظ، فإن سوء الاستثمار والتمويل خلال هذه السنوات أثر بشكل سلبي على المجال الزراعي.
مع استمرار ظاهرة الجفاف، تناقصت معدلات الهطولات المطرية والموارد المائية الناجمة عنها. يظهر ذلك في اتساع مساحة الصحراء بنسبة 6.4% عن مساحتها في عام 1970. الأمطار التراكمية المسجلة ما بين أيلول 2013 وحتى شباط 2014 كانت أقل من نصف المتوسط على المدى الطويل.
“انخفضت الهطولات المطرية بشكل عام خلال موسم الجفاف 2006-2010 إلى النصف تقريباً، وهو مؤشر خطير بالنسبة لتأمين مياه الشرب للسكان. وكان لهذا الانخفاض أثره الكبير على الواردات المائية المتجددة السطحية والجوفية”، يقول أحمد ماين العلي، مهندس المياه في الهلال الأحمر العربي السوري.
“تناقص معدل هطول الأمطار خلال العامين 2007-2008 ليصل إلى 66% من المتوسط طويل الأمد، وكان لهذا تأثير كارثي على الإنتاج الزراعي. فإنتاج القمح كان 2.1 مليون طن مقارنة بالمتوسط طويل الأمد 4.7 مليون طن. مما اضطر سورية إلى استيراد القمح للمرة الأولى منذ 15 عاما”، يضيف المهندس أحمد ماين.
يتوقع الخبراء أن سورية قد تحصد أسوأ محاصيل القمح منذ 40 عاماً بسبب عوامل الحرب والجفاف، مشيرين إلى أن محصول القمح سينخفض إلى أقل من مليون طن وبأحسن الأحوال لا يزيد عن 1.7 مليون طن.
إضافة إلى التحديات التي يواجهها المزارعون في التصدي للجفاف فإنهم يواجهون مشكلة أخرى بفعل القتال في البلاد. “أعاقت الأزمة وصول مستلزمات الإنتاج من بذار ووقود وأسمدة ومواد مكافحة الحشرات والأمراض وقطع تبديل شبكات الري وعبوات تعبئة المحصول إلى حقول المزارعين. كما تعرض كثير من مراكز خزن وصوامع ومطاحن الغلال إلى أعمال السرقة والتخريب”، وفقا للمهندس أحمد ماين.
بين عامي 2006-2013 شهدت حوالي 60% من الأراضي أسوأ جفاف طويل الأمد وأكبر تراجع حاد في المحاصيل الزراعية منذ بدء الزراعة قبل آلاف السنين. من المرجح أن يتسبب الطقس الجاف في سورية بانخفاض المحصول السنوي من القمح بنحو 18% ومحصول الشعير بنسبة 65 % خلال عام 2014.
استجابة الهلال الأحمر السوري
“استجابة الهلال الأحمر السوري للجفاف بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر امتدت من العام 2009 وحتى العام 2012 لتوفير المساعدات الطارئة ودعم المجتمعات الضعيفة في دير الزور والحسكة”، يقول فراس فرّاس ، منسق مشروع المياه والإصحاح في الهلال الأحمر العربي السوري.
خلال ذلك الوقت، ركزت فرق الهلال السوري على عدة نشاطات مثل: توفير مياه الشرب عبر صهاريج المياه في القرى والبلدات التي تعاني من نقص المياه في شمال دير الزور وجنوب الحسكة. حيث بلغ عدد المستفيدين من كل صهريج مياه 20000 نسمة. إضافة إلى نشاطات حصاد مياه الأمطار وهي خزانات أرضية لتجميع مياه الأمطار والسيول، ومشاريع محطات تحلية المياه. وقد ساعدت هذه الجهود في تأمين المياه الصالحة للشرب من الآبار الكبريتية.
أهلت هذه التجربة فرق الهلال الأحمر العربي السوري للاستجابة لأزمة الجفاف الحالية. “، يقول المهندس أحمد ماين: “اكتسب المتطوعون العاملون في المياه والصرف الصحي للهلال الأحمر السوري الخبرة الجيدة التي تمكنهم اليوم من وضع خطة تدخل فورية طارئة لتخفيض تأثيرات الجفاف”.
“عملت فرق الهلال السوري على تأمين إيصال المياه الصالحة للشرب عبر صهاريج المياه للقرى التي تفتقر إلى الموارد المائية، تخزين مياه الأمطار في حفر كبيرة للشرب ولسقاية المواشي في المناطق التي تعاني من نقص المياه المتجددة. علاوة على ذلك، عمل الهلال السوري على لفت أنظار المنظمات الدولية إلى هذا الأمر بهدف تقديم المساعدة الممكنة لمواجهة آثار الجفاف”.
وقد وفرّالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدعم للهلال السوري في بناء قدرات المتطوعين جنبا إلى جنب مع شركاء الحركة الدولية من مثل الصليب الأحمر البريطاني والذي كان يدعم برنامج تدريب الاستجابة للكوارث خلال العشر سنوات الماضية لتدريب متطوعي الهلال الأحمر السوري في إدارة الكوارث، التقييم ومشاريع المياه والإصحاح.
هذا ويتم دعم قسم المياه والإصحاح في الهلال الأحمر السوري من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر. إضافة إلى دعم من قبل الاتحاد الدولي والصليب الأحمر الألماني والنرويجي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة ومنظمة هيلب الألمانية.
Discussion about this post